Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة إبراهيم - الآية 17

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ۖ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) (إبراهيم) mp3
وَقَوْله" يَتَجَرَّعُهُ " أَيْ يَتَغَصَّصه وَيَتَكَرَّههُ أَيْ يَشْرَبُهُ قَهْرًا وَقَسْرًا لَا يَضَعُهُ فِي فَمِهِ حَتَّى يَضْرِبَهُ الْمَلَكُ بِمِطْرَاقٍ مِنْ حَدِيد كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ " " وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ " أَيْ يَزْدَرِيه لِسُوءِ طَعْمِهِ وَلَوْنِهِ وَرِيحِهِ وَحَرَارَته أَوْ بَرْدِهِ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ " وَيَأْتِيه الْمَوْت مِنْ كُلِّ مَكَانٍ " أَيْ يَأْلَمُ لَهُ جَمِيع بَدَنِهِ وَجَوَارِحِهِ وَأَعْضَائِهِ قَالَ عَمْرو بْن مَيْمُون بْن مِهْرَان مِنْ كُلّ عَظْم وَعَصَب وَعِرْق وَقَالَ عِكْرِمَة حَتَّى مِنْ أَطْرَاف شَعْره وَقَالَ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ مِنْ مَوْضِع كُلّ شَعْرَة أَيْ مِنْ جَسَده حَتَّى مِنْ أَطْرَاف شَعْره وَقَالَ اِبْن جَرِير " وَيَأْتِيه الْمَوْت مِنْ كُلّ مَكَان " أَيْ مِنْ أَمَامه وَخَلْفه وَفِي رِوَايَة وَعَنْ يَمِينه وَشِمَاله وَمِنْ فَوْقه وَمِنْ تَحْت أَرْجُله وَمِنْ سَائِر أَعْضَاء جَسَده وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَيَأْتِيه الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ " قَالَ أَنْوَاع الْعَذَاب الَّذِي يُعَذِّبُهُ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ لَيْسَ مِنْهَا نَوْعٌ إِلَّا يَأْتِيه الْمَوْتُ مِنْهُ لَوْ كَانَ يَمُوتُ وَلَكِنْ لَا يَمُوت لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ" لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا " وَمَعْنَى كَلَام اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : أَنَّهُ مَا مِنْ نَوْع مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاع مِنْ الْعَذَاب إِلَّا إِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ اِقْتَضَى أَنْ يَمُوت مِنْهُ لَوْ كَانَ يَمُوت وَلَكِنَّهُ لَا يَمُوت لِيَخْلُدَ فِي دَوَام الْعَذَاب وَالنَّكَال وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَيَأْتِيه الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ " وَقَوْله " وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ" أَيْ وَلَهُ مِنْ بَعْد هَذِهِ الْحَال عَذَاب آخَر غَلِيظ أَيْ مُؤْلِم صَعْب شَدِيد أَغْلَظُ مِنْ الَّذِي قَبْله وَأَدْهَى وَأَمَرُّ وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ شَجَرَة الزَّقُّوم " إِنَّهَا شَجَرَة تَخْرُج فِي أَصْل الْجَحِيم طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوس الشَّيَاطِين فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُون ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيم " فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ تَارَة يَكُونُونَ فِي أَكْل زَقُّومٍ وَتَارَةً فِي شُرْبِ حَمِيم وَتَارَة يَرِدُونَ إِلَى جَحِيم عِيَاذًا بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَهَكَذَا قَالَ تَعَالَى " هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنهَا وَبَيْن حَمِيمٍ آنٍ " وَقَالَ تَعَالَى " إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ذُقْ إِنَّك أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ " وَقَالَ " وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَاب الشِّمَال فِي سَمُوم وَحَمِيم وَظِلّ مِنْ يَحْمُوم لَا بَارِد وَلَا كَرِيم " وَقَالَ تَعَالَى " هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّم يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَاد" " هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيم وَغَسَّاق وَآخَر مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ" إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْآيَات الدَّالَّة عَلَى تَنَوُّع الْعَذَاب عَلَيْهِمْ وَتَكْرَاره وَأَنْوَاعه وَأَشْكَاله مِمَّا لَا يُحْصِيه إِلَّا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ جَزَاء وِفَاقًا " وَمَا رَبّك بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • التحصين من كيد الشياطين

    التحصين من كيد الشياطين : دراسة تأصيلية مستفيضة لقضايا العين والحسد والسحر والمس وغيرها، مع بيان المشروع من التحصين والرقى، وأصول التداوي.

    الناشر: مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان - شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/166698

    التحميل:

  • الأربعون في فضل المساجد وعمارتها مما رواه شيخ الحنابلة عبد الله بن عقيل

    الأربعون في فضل المساجد وعمارتها مما رواه شيخ الحنابلة عبد الله بن عقيل: في هذه الرسالة تخريج أربعين حديثًا مما رواه الشيخ العلامة عبد الله بن عقيل - رحمه الله - عن «فضل المساجد وعمارتها» بإسناده المتصل إلى سيد الأولين والآخرين - صلى الله عليه وسلم -، وذلك من كتب السنة المشرفة الحاوية لطائفةٍ عطرةٍ من الأحاديث النبوية الدالَّة على فضل المساجد وعمارتها، وما يتعلَّق بها من آداب. - تخريج: محمد بن ناصر العجمي.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/371016

    التحميل:

  • المستطاب في أسباب نجاح دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

    المستطاب في أسباب نجاح دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : بيان أسباب نجاح هذه الدعوة، مع بيان لماذا نحب هذه الدعوة ولماذا نجحت واستمرت؟!!

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144868

    التحميل:

  • كيف تنجو من كرب الصراط؟

    كيف تنجو من كرب الصراط؟ : يحتوي هذا الكتاب على أربعة أبحاث، هي: المبحث الأول: التعريف بالصراط وكربه. المبحث الثاني: كرب الإحراق على الصراط والأعمال المنجية عليه. المبحث الثالث: كرب ظلمة الصراط والأعمال المنورة له. المبحث الرابع: الذنوب التي تسقط صاحبها في النار.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/291303

    التحميل:

  • امتحان القلوب

    امتحان القلوب: فإن الحديث عن القلب وامتحانه وابتلائه حديث بالغ الأهمية في وقت قست فيه القلوب، وضعف فيه الإيمان، واشتغل فيه بالدنيا، وأعرض الناس عن الآخرة، ومن المهم معرفة ما يعرِض للقلب خلال سيره إلى الله من امتحانات وابتلاءات، وعلامات صحته وعلَّته، ومواطن الابتلاء والامتحان له. وقد جاء الكتاب يتناول هذه الموضوعات وغيرها بشيءٍ من التفصيل.

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337317

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة