Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الفرقان - الآية 24

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24) (الفرقان) mp3
وَقَوْله تَعَالَى : " أَصْحَاب الْجَنَّة يَوْمئِذٍ خَيْر مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَن مَقِيلًا " أَيْ يَوْم الْقِيَامَة " لَا يَسْتَوِي أَصْحَاب النَّار وَأَصْحَاب الْجَنَّة أَصْحَاب الْجَنَّة هُمْ الْفَائِزُونَ" وَذَلِكَ أَنَّ أَهْل الْجَنَّة يَصِيرُونَ إِلَى الدَّرَجَات الْعَالِيَات وَالْغُرُفَات الْآمِنَات فَهُمْ فِي مَقَام أَمِين حَسَن الْمَنْظَر طَيِّب الْمَقَام " خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا" وَأَهْل النَّار يَصِيرُونَ إِلَى الدَّرَكَات السَّافِلَات وَالْحَسَرَات الْمُتَتَابِعَات وَأَنْوَاع الْعَذَاب وَالْعُقُوبَات " إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا " أَيْ بِئْسَ الْمَنْزِل مَنْظَرًا وَبِئْسَ الْمَقِيل مَقَامًا وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : " أَصْحَاب الْجَنَّة يَوْمئِذٍ خَيْر مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَن مَقِيلًا " أَيْ بِمَا عَمِلُوهُ مِنْ الْأَعْمَال الْمُتَقَبَّلَة نَالُوا مَا نَالُوا وَصَارُوا إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ بِخِلَافِ أَهْل النَّار فَإِنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ عَمَل وَاحِد يَقْتَضِي دُخُول الْجَنَّة لَهُمْ وَالنَّجَاة مِنْ النَّار فَنَبَّهَ تَعَالَى بِحَالِ السُّعَدَاء عَلَى حَال الْأَشْقِيَاء وَأَنَّهُ لَا خَيْر عِنْدهمْ بِالْكُلِّيَّةِ فَقَالَ تَعَالَى : " أَصْحَاب الْجَنَّة يَوْمئِذٍ خَيْر مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَن مَقِيلًا " قَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس : إِنَّمَا هِيَ سَاعَة فَيَقِيل أَوْلِيَاء اللَّه عَلَى الْأَسِرَّة مَعَ الْحُور الْعِين وَيَقِيل أَعْدَاء اللَّه مَعَ الشَّيَاطِين مُقَرَّنِينَ وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : يَفْرُغ اللَّه مِنْ الْحِسَاب نِصْف النَّهَار فَيَقِيلُ أَهْل الْجَنَّة فِي الْجَنَّة وَأَهْل النَّار فِي النَّار قَالَ اللَّه تَعَالَى : " أَصْحَاب الْجَنَّة يَوْمئِذٍ خَيْر مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَن مَقِيلًا " وَقَالَ عِكْرِمَة : إِنِّي لَأَعْرِف السَّاعَة الَّتِي يَدْخُل فِيهَا أَهْل الْجَنَّة الْجَنَّة وَأَهْل النَّار النَّار وَهِيَ السَّاعَة الَّتِي تَكُون فِي الدُّنْيَا عِنْد اِرْتِفَاع الضُّحَى الْأَكْبَر إِذَا اِنْقَلَبَ النَّاس إِلَى أَهْلِيهِمْ لِلْقَيْلُولَةِ فَيَنْصَرِف أَهْل النَّار إِلَى النَّار وَأَمَّا أَهْل الْجَنَّة فَيُنْطَلَق بِهِمْ إِلَى الْجَنَّة فَكَانَتْ قَيْلُولَتهمْ فِي الْجَنَّة وَأُطْعِمُوا كَبِد حُوت فَأَشْبَعَهُمْ كُلّهمْ وَذَلِكَ قَوْله : " أَصْحَاب الْجَنَّة يَوْمئِذٍ خَيْر مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَن مَقِيلًا " وَقَالَ سُفْيَان عَنْ مَيْسَرَة عَنْ الْمِنْهَال عَنْ أَبِي عُبَيْدَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ : لَا يَنْتَصِف النَّهَار حَتَّى يُقْبِل هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ ثُمَّ قَرَأَ " أَصْحَاب الْجَنَّة يَوْمئِذٍ خَيْر مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَن مَقِيلًا " وَقَرَأَ" ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعهمْ لَإِلَى الْجَحِيم " وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " أَصْحَاب الْجَنَّة يَوْمئِذٍ خَيْر مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَن مَقِيلًا " قَالَ قَالُوا فِي الْغُرَف مِنْ الْجَنَّة وَكَانَ حِسَابهمْ إِذْ عُرِضُوا عَلَى رَبّهمْ عَرْضَة وَاحِدَة وَذَلِكَ الْحِسَاب الْيَسِير وَهُوَ مِثْل قَوْله تَعَالَى : " فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَب حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِب إِلَى أَهْله مَسْرُورًا " وَقَالَ قَتَادَة " خَيْر مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَن مَقِيلًا " مَأْوَى وَمَنْزِلًا وَقَالَ قَتَادَة وَحَدَّثَ صَفْوَان بْن مُحَرِّز أَنَّهُ قَالَ : يُجَاء بِرَجُلَيْنِ يَوْم الْقِيَامَة أَحَدهمَا كَانَ مَلِكًا فِي الدُّنْيَا إِلَى الْحُمْرَة وَالْبَيَاض فَيُحَاسَب فَإِذَا عَبْد لَمْ يَعْمَل خَيْرًا قَطُّ فَيُؤْمَر بِهِ إِلَى النَّار وَالْآخَر كَانَ صَاحِب كِسَاء فِي الدُّنْيَا فَيُحَاسَب فَيَقُول يَا رَبّ مَا أَعْطَيْتنِي مِنْ شَيْء فَتُحَاسِبنِي بِهِ فَيَقُول اللَّهُ : صَدَقَ عَبْدِي فَأَرْسِلُوهُ فَيُؤْمَر بِهِ إِلَى الْجَنَّة ثُمَّ يُتْرَكَانِ مَا شَاءَ اللَّه ثُمَّ يُدْعَى صَاحِب النَّار فَإِذَا هُوَ مِثْل الْحُمَمَة السَّوْدَاء فَيُقَال لَهُ كَيْف وَجَدْت ؟ فَيَقُول شَرّ مَقِيل فَيُقَال لَهُ عُدْ ثُمَّ يُدْعَى بِصَاحِبِ الْجَنَّة فَإِذَا هُوَ مِثْل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر فَيُقَال لَهُ كَيْف وَجَدْت ؟ فَيَقُول رَبّ خَيْر مَقِيل فَيُقَال لَهُ عُدْ . رَوَاهَا اِبْن أَبِي حَاتِم كُلّهَا وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنِي يُونُس أَنْبَأَنَا اِبْن وَهْب أَنْبَأَنَا عَمْرو بْن الْحَارِث أَنَّ سَعِيدًا الصَّوَّاف حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ يَوْم الْقِيَامَة يَقْصُر عَلَى الْمُؤْمِن حَتَّى يَكُون كَمَا بَيْن الْعَصْر إِلَى غُرُوب الشَّمْس وَأَنَّهُمْ يَتَقَلَّبُونَ فِي رِيَاض الْجَنَّة حَتَّى يَفْرُغ مِنْ النَّاس وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : " أَصْحَاب الْجَنَّة يَوْمئِذٍ خَيْر مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَن مَقِيلًا " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • شرح المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية

    شرح المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية: منظومةٌ نافعةٌ مكونةٌ من (247) بيتًا، وجَّهها الشيخ العلامة حافظ بن أحمد الحكمي - رحمه الله تعالى - لطلاب العلم؛ حيث تضمَّنت وصايا وآداب عامة ينبغي التحلِّي بها طالب العلم، وقد قام المؤلف - حفظه الله - بشرحها شرحًا مُفصَّلاً، مُبيِّنًا مقاصدها، مُستنبطًا فوائدها، مع شفعه بكلام أهل العلم.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316841

    التحميل:

  • أولياء الله بين المفهوم الصوفي والمنهج السني السلفي

    أولياء الله بين المفهوم الصوفي والمنهج السني السلفي: قال المصنف - حفظه الله -: «فلقد بات مفهوم الولاية الحقيقي غائبا عن الكثيرين كما ورد في الكتاب والسنة وبحسب ما فهمه السلف الصالح، وصار المتبادر إلى الذهن عند سماع كلمة الولي: ذاك الشيخ الذي يتمتم بأحزابه وأوراده، قد تدلت السبحة حول عنقه، وامتدت يداه إلى الناس يقبلونها وهم يكادون يقتتلون على التمسح به. ومن هنا فقد عمدت في هذا الكتاب إلى وضع دراسة مقارنة بين مفهوم الولاية الصحيح مدعما بالأدلة من الكتاب والسنة. وبين مفهومها عند الصوفية كما عرضتها لنا المئات من بطون كتب التصوف».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/346798

    التحميل:

  • من تواضع لله رفعه

    من تواضع لله رفعه: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن من صفات المؤمنين الإنابة والإخبات والتواضع وعدم الكبر. ومن استقرأ حياة نبي هذه الأمة يجد فيها القدوة والأسوة، ومن تتبع حياة السلف الصالح رأى ذلك واضحًا جليًا. وهذا هو الجزء «العشرون» من سلسلة «أين نحن من هؤلاء؟» تحت عنوان: «من تواضع لله رفعه»».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229612

    التحميل:

  • المنتخب من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية

    المنتخب من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية: كتابٌ جمع فيه الشيخ - حفظه الله - مسائل قد تخفى على طلبة العلم إما علمًا أو عملاً، ومسائل مهمة لكل عالم وداعية ومصلح وخاصة في هذا الزمان الذي كثرت فيه الأهواء وتنوعت الفتن، ومسائل متفرقة، وقد انتخبَ فيه أكثر من ستين ومائة نخبة من الفوائد والفرائد من أغلب كتب شيخ الإسلام المطبوعة، وأكثرها من «مجموع الفتاوى»، وقد رتَّبها على خمسة أقسام: الأول: في التوحيد والعقيدة. الثاني: في العلم والجهاد والسياسة الشرعية. الثالث: في الخلاف والإنكار والتحزُّب المحمود والمذموم، والبدعة والمصالح والمفاسد والإنصاف. الرابع: مسائل أصولية في الاعتصام بالسنة وترك الابتداع والتقليد والتمذهب وغير ذلك. الخامس: مسائل متفرقة.

    الناشر: موقع الدرر السنية http://www.dorar.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/335501

    التحميل:

  • الصلاة في ضوء الكتاب والسنة

    الصلاة في ضوء الكتاب والسنة: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «فبعد أن انتهيتُ من تصنيفِ كتابي «فقه الكتاب والسنة» رأيتُ أن أُفرِد مُصنَّفًا خاصًّا بأحكام الصلاة، لشدة الحاجةِ إليها، فقمتُ بوضعِ هذا الكتاب، .. وقد توخَّيتُ فيه سهولةَ العبارة، والبُعد عن الخِلافات المذهبيَّة، ودعَّمتُ أحكامَه بالآياتِ القرآنية، والأحاديث النبوية».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/384410

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة