Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة العنكبوت - الآية 60

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) (العنكبوت) mp3
ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ تَعَالَى أَنَّ الرِّزْق لَا يَخْتَصّ بِبُقْعَةٍ بَلْ رِزْقه تَعَالَى عَامّ لِخَلْقِهِ حَيْثُ كَانُوا وَأَيْنَ كَانُوا بَلْ كَانَتْ أَرْزَاق الْمُهَاجِرِينَ حَيْثُ هَاجَرُوا أَكْثَر وَأَوْسَع وَأَطْيَب فَإِنَّهُمْ بَعْد قَلِيل صَارُوا حُكَّام الْبِلَاد فِي سَائِر الْأَقْطَار وَالْأَمْصَار وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّة لَا تَحْمِل رِزْقهَا " أَيْ لَا تُطِيق جَمْعه وَتَحْصِيله وَلَا تَدَّخِر شَيْئًا لِغَدٍ " اللَّه يَرْزُقهَا وَإِيَّاكُمْ " أَيْ يُقَيِّض لَهَا رِزْقهَا عَلَى ضَعْفهَا وَيُيَسِّرهُ عَلَيْهَا فَيَبْعَث إِلَى كُلّ مَخْلُوق مِنْ الرِّزْق مَا يُصْلِحهُ حَتَّى الذَّرّ فِي قَرَار الْأَرْض وَالطَّيْر فِي الْهَوَاء وَالْحِيتَان فِي الْمَاء . قَالَ تَعَالَى " وَمَا مِنْ دَابَّة فِي الْأَرْض إِلَّا عَلَى اللَّه رِزْقهَا وَيَعْلَم مُسْتَقَرّهَا وَمُسْتَوْدَعهَا كُلّ فِي كِتَاب مُبِين " وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الْهَرَوِيّ حَدَّثَنَا يَزِيد يَعْنِي اِبْن هَارُون حَدَّثَنَا الْجَرَّاح بْن مِنْهَال الْجَزَرِيّ - هُوَ أَبُو الْعُطُوف - عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ رَجُل عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : خَرَجْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دَخَلَ بَعْض حِيطَان الْمَدِينَة فَجَعَلَ يَلْتَقِط مِنْ التَّمْر وَيَأْكُل فَقَالَ لِي " يَا اِبْن عُمَر مَا لَك لَا تَأْكُل ؟ " قَالَ قُلْت لَا أَشْتَهِيه يَا رَسُول اللَّه قَالَ " لَكِنِّي أَشْتَهِيه وَهَذَا صُبْح رَابِعَة مُنْذُ لَمْ أَذُقْ طَعَامًا وَلَمْ أَجِدهُ وَلَوْ شِئْت لَدَعَوْت رَبِّي فَأَعْطَانِي مِثْل مُلْك كِسْرَى وَقَيْصَر فَكَيْف بِك يَا اِبْن عُمَر إِذَا بَقِيت فِي قَوْم يُخَبِّئُونَ رِزْق سَنَتهمْ بِضَعْفِ الْيَقِين ؟ " قَالَ فَوَاَللَّهِ مَا بَرِحْنَا وَلَا رُمْنَا حَتَّى نَزَلَتْ " وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّة لَا تَحْمِل رِزْقهَا اللَّه يَرْزُقهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم " فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَأْمُرنِي بِكَنْزِ الدُّنْيَا وَلَا بِاتِّبَاعِ الشَّهَوَات فَمَنْ كَنَزَ دُنْيَاهُ يُرِيد بِهَا حَيَاة بَاقِيَة فَإِنَّ الْحَيَاة بِيَدِ اللَّه أَلَا وَإِنِّي لَا أَكْنِز دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا أُخَبِّئ رِزْقًا لِغَدٍ " هَذَا حَدِيث غَرِيب وَأَبُو الْعُطُوف الْجَزَرِيّ ضَعِيف وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْغُرَاب إِذَا فَقَسَ عَنْ فِرَاخه الْبِيض خَرَجُوا وَهُمْ بِيض فَإِذَا رَآهُمْ أَبَوَاهُمْ كَذَلِكَ نَفَرَا عَنْهُمْ أَيَّامًا حَتَّى يَسْوَدّ الرِّيش فَيَظَلّ الْفَرْخ فَاتِحًا فَاهُ يَتَفَقَّد أَبَوَيْهِ فَيُقَيِّض اللَّه تَعَالَى طَيْرًا صِغَارًا كَالْبَرْغَشِ فَيَغْشَاهُ فَيَتَقَوَّت بِهِ تِلْكَ الْأَيَّام حَتَّى يَسْوَدّ رِيشه وَالْأَبَوَانِ يَتَفَقَّدَانِهِ كُلّ وَقْت فَكُلَّمَا رَأَوْهُ أَبْيَض الرِّيش نَفَرَا عَنْهُ فَإِذَا رَأَوْهُ اِسْوَدَّ رِيشه عَطْفًا عَلَيْهِ بِالْحَضَانَةِ وَالرِّزْق وَلِهَذَا قَالَ الشَّاعِر : يَا رَازِق النَّعَّاب فِي عُشّه وَجَابِر الْعَظْم الْكَسِير الْمَهِيض . وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيّ فِي جُمْلَة كَلَام لَهُ فِي الْأَوَامِر كَقَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سَافِرُوا تَصِحُّوا وَتُرْزَقُوا " قَالَ الْبَيْهَقِيّ أَخْبَرَنَا إِمْلَاء أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَبْدَان أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عُبَيْد أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن غَالِب حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سِنَان أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزْدَاد شَيْخ مِنْ أَهْل الْمَدِينَة حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سَافِرُوا تَصِحُّوا وَتَغْنَمُوا" قَالَ وَرَوَيْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا قَبِيصَة أَخْبَرَنَا اِبْن لَهِيعَة عَنْ دَرَّاج عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن حُجَيْر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سَافِرُوا تَرْبَحُوا وَصُومُوا تَصِحُّوا وَاغْزُوا تَغْنَمُوا " وَقَدْ وَرَدَ مِثْل حَدِيث اِبْن عُمَر عَنْ اِبْن عَبَّاس مَرْفُوعًا وَعَنْ مُعَاذ بْن جَبَل مَوْقُوفًا وَفِي لَفْظ " سَافِرُوا مَعَ ذَوِي الْجِدّ وَالْمَيْسَرَة " قَالَ وَرُوِّينَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَقَوْله " وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم" أَيْ السَّمِيع لِأَقْوَالِ عِبَاده الْعَلِيم بِحَرَكَاتِهِمْ وَسَكَنَاتهمْ.
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الشيخ عبد الرحمن بن قاسم حياته وسيرته ومؤلفاته

    الشيخ عبد الرحمن بن قاسم حياته وسيرته ومؤلفاته : رتب هذا الكتاب على الأبواب التالية: أولاً: نسبه ومولده ونشأته. ثانياً: رحلته في طلب العلم وذكر مشايخه. ثالثاً: علومه ومعارفه. رابعاً: مؤلفاته مع إشارات مختصرة لها. خامساً: حياته العملية وتلامذته. سادساً: سجاياه ووصفاته. سابعاً: حياته الأسرية. ثامناً: قصة مرضه ووفاته.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229631

    التحميل:

  • الإعلام بشرح نواقض الإسلام

    الإعلام بشرح نواقض الإسلام: شرحٌ مُيسَّرٌ لرسالة «نواقض الإسلام» لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، يشرح فيه الشيخ - حفظه الله - نواقض الإسلام مُستدلاًّ بالآيات من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/314845

    التحميل:

  • الجهاد في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة

    الجهاد في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة: قال المُصنِّف - حفظه الله -: «فقد كثر الكلام في هذه الأيام عن الجهاد في سبيل الله - عز وجل -؛ ولأهمية الأمر وخطورته، أحببت أن أذكر لإخواني المسلمين بعض المفاهيم الصحيحة التي ينبغي معرفتها وفقهها قبل أن يتكلم المسلم عن الجهاد».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/270600

    التحميل:

  • الإشارات إلى جملة من حِكَم وأحكام وفوائد تتعلق بفريضة الزكاة

    الإشارات إلى جملة من حِكَم وأحكام وفوائد تتعلق بفريضة الزكاة: قال المؤلف: «فهذه جملة من أحكام الزكاة، وفوائد منتقاة، وتنبيهات تتعلق بالموضوع، يحتاج إليها المسلم بشأن تلك الفريضة العظيمة، والشعيرة الجليلة، كنتُ جمعتُها لنفسي، ولكن نظرًا لكثرة السؤال عنها، وحاجة كثير من إخواني المسلمين ممن آتاهم الله من فضله إلى التذكير بها، رأيتُ نشرها رجاء أن ينفع الله تعالى بها من يشاء من عباده».

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330348

    التحميل:

  • الإصابة في فضائل وحقوق الصحابة رضي الله عنهم

    الإصابة في فضائل وحقوق الصحابة رضي الله عنهم: نبذة عن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيامًا بحقهم ونصحًا للأمة بشأنهم وإشادة بفضائلهم وهداية لمن لبس عليه في أمرهم متضمنة التعريف بهم، وبيان منزلتهم وفضلهم وفضائلهم ومناقبهم، وحقهم على الأمة، وعقيدة أهل السنة والجماعة فيهم.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330349

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة