Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة ق - الآية 19

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) (ق) mp3
يَقُول عَزَّ وَجَلَّ وَجَاءَتْ أَيّهَا الْإِنْسَان سَكْرَة الْمَوْت بِالْحَقِّ أَيْ كَشَفَتْ لَك عَنْ الْيَقِين الَّذِي كُنْت تَمْتَرِي فِيهِ " ذَلِكَ مَا كُنْت مِنْهُ تَحِيد " أَيْ هَذَا هُوَ الَّذِي كُنْت تَفِرّ مِنْهُ قَدْ جَاءَك فَلَا مَحِيد وَلَا مَنَاص وَلَا فِكَاك وَلَا خَلَاص وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمُخَاطَب بِقَوْلِهِ" وَجَاءَتْ سَكْرَة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْت مِنْهُ تَحِيد" فَالصَّحِيح أَنَّ الْمُخَاطَب بِذَلِكَ الْإِنْسَان مِنْ حَيْثُ هُوَ وَقِيلَ الْكَافِر وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنْيَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن زِيَاد سبلان أَخْبَرَنَا عَبَّاد بْن عَبَّاد عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَلْقَمَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عَلْقَمَة بْن وَقَّاص قَالَ إِنَّ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ حَضَرْت أَبِي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَهُوَ يَمُوت وَأَنَا جَالِسَة عِنْد رَأْسِهِ فَأَخَذَ غَشْيَة فَتَمَثَّلْت بِبَيْتٍ مِنْ الشِّعْر : مَنْ لَا يَزَال دَمْعُهُ مُقَنَّعًا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مَرَّة مَدْفُوق قَالَتْ فَرَفَعَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ رَأْسه فَقَالَ يَا بُنَيَّة لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَجَاءَتْ سَكْرَة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْت مِنْهُ تَحِيد " وَحَدَّثَنَا خَلَف بْن هِشَام حَدَّثَنَا أَبُو شِهَاب الْخَيَّاط عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد عَنْ الْبَهِيّ قَالَ لَمَّا أَنْ ثَقُلَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ جَاءَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فَتَمَثَّلَتْ بِهَذَا الْبَيْت : لَعَمْرك مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنْ الْفَتَى إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ . فَكَشَفَ عَنْ وَجْهه وَقَالَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ قُولِي " وَجَاءَتْ سَكْرَة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْت مِنْهُ تَحِيد " وَقَدْ أَوْرَدْت لِهَذَا الْأَثَر طُرُقًا كَثِيرَة فِي سِيرَة الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عِنْد ذِكْر وَفَاته وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيح عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمَّا تَغَشَّاهُ الْمَوْت جَعَلَ يَمْسَح الْعَرَق عَنْ وَجْهه وَيَقُول " سُبْحَان اللَّه إِنَّ لِلْمَوْتِ لَسَكَرَاتٍ " وَفِي قَوْله " ذَلِكَ مَا كُنْت مِنْهُ تَحِيد " قَوْلَانِ " أَحَدهمَا " أَنَّ مَا هَهُنَا مَوْصُولَةٌ أَيْ الَّذِي كُنْت مِنْهُ تَحِيد بِمَعْنَى تَبْتَعِد وَتَتَنَاءَى وَتَفِرّ قَدْ حَلَّ بِك وَنَزَلَ بِسَاحَتِك " وَالْقَوْل الثَّانِي " أَنَّ مَا نَافِيَة بِمَعْنَى ذَلِكَ مَا كُنْت تَقْدِر عَلَى الْفِرَاق مِنْهُ وَلَا الْحَيْد عَنْهُ وَقَدْ قَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي الْمُعْجَم الْكَبِير حَدَّثَنَا مُؤَمَّل بْن عَلِيّ الصَّائِغ الْمَكِّيّ حَدَّثَنَا حَفْص عَنْ اِبْن عُمَر الحدي حَدَّثَنَا مُعَاذ بْن مُحَمَّد الْهُذَلِيّ عَنْ يُونُس بْن عُبَيْد عَنْ الْحَسَن عَنْ سَمُرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَثَل الَّذِي يَفِرّ مِنْ الْمَوْت مَثَل الثَّعْلَب تَطْلُبهُ الْأَرْض بِدَيْنٍ فَجَاءَ يَسْعَى حَتَّى إِذَا أَعْيَا وَأَسْهَرَ دَخَلَ جُحْرَهُ وَقَالَتْ لَهُ الْأَرْض يَا ثَعْلَب دَيْنِي فَخَرَجَ وَلَهُ حُصَاص فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى تَقَطَّعَتْ عُنُقه وَمَاتَ " وَمَضْمُون هَذَا الْمَثَل كَمَا لَا اِنْفِكَاك لَهُ وَلَا مَحِيد عَنْ الْأَرْض كَذَلِكَ الْإِنْسَان لَا مَحِيد لَهُ عَنْ الْمَوْت وَقَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَنُفِخَ فِي الصُّور ذَلِكَ يَوْم الْوَعِيد " قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى حَدِيث النَّفْخ فِي الصُّور وَالْفَزَع وَالصَّعْق وَالْبَعْث وَذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة وَفِي الْحَدِيث أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " كَيْف أَنْعَمُ وَصَاحِب هَذَا الْقَرْن قَدْ اِلْتَقَمَ الْقَرْن وَحَنَى جَبْهَته وَانْتَظَرَ أَنْ يُؤْذَن لَهُ " قَالُوا يَا رَسُول اللَّه كَيْف نَقُول ؟ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قُولُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" فَقَالَ الْقَوْم حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • تحريف المصطلحات القرآنية وأثره في انحراف التفسير في القرن الرابع عشر

    تحريف المصطلحات القرآنية وأثره في انحراف التفسير في القرن الرابع عشر: جاء هذا الكتاب ردًّا على تشويه المُستشرقين والمُعارضين لكتاب الله وآياته ومصطلحاته، وبيَّن مدى انحرافهم وشطَطهم في تفسير كتاب الله، وكل ذلك بالأدلة العقلية المُستوحاة من التفاسير الصحيحة المُجمَع عليها عند أهل العلم، وذلك في المرحلة المتأخرة في القرن الرابع عشر.

    الناشر: مكتبة التوبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364163

    التحميل:

  • حقوق المرأة في ضوء السنة النبوية

    حقوق المرأة في ضوء السنة النبوية: هذا البحث نال جائزة الأمير نايف بن عبد العزيز في مسابقته العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/90728

    التحميل:

  • تعظيم التوحيد في نفوس الصغار

    في هذه الرسالة بيان أهمية تعظيم التوحيد في نفوس الصغار.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/233607

    التحميل:

  • التحصين من كيد الشياطين

    التحصين من كيد الشياطين : دراسة تأصيلية مستفيضة لقضايا العين والحسد والسحر والمس وغيرها، مع بيان المشروع من التحصين والرقى، وأصول التداوي.

    الناشر: مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان - شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/166698

    التحميل:

  • معين الملهوف لمعرفة أحكام صلاة الكسوف

    معين الملهوف لمعرفة أحكام صلاة الكسوف : شرع الله - سبحانه وتعالى - صلاة الكسوف التجاء إليه - سبحانه - عند حدوث الكسوف للشمس أو للقمر، وقد حث على الدعاء والصدقة فيها على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه الصلاة فيها من الأحكام ما ينبغي على المسلم معرفتها إذا أداها، ولتكون على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي هذه الرسالة بيان بعض أحكامها. قدم لها : الشيخ خالد بن علي المشيقح، و الشيخ عبد الله بن مانع العتيبي - حفظهما الله -.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/166791

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة